ثالثاً: نقد حدث القيامة والرد عليه:

قيامة المسيح مستعارة من الديانات الوثنية:

إن الفكرة التي  تقول بأن قيامة المسيح مأخوذة أو مسروقة من ديانات وثنية ليس بفكرة جديدة، فجذورها تعود إلى " مدرسة الأديان"  التي تطورت في النصف الثاني للقرن التاسع عشر. 1 ما لابد أن يُعرف أن الديانات الوثنية هي ديانات اصطناعية ، من نتاج خيال البشر والتي لم تكن موجودة أصلاً في الحقيقة. 2 بعكس الديانة المسيحية والتي هي تاريخية في الأساس، فهي التي قسمت التاريخ إلى ما قبل ميلاد المسيح وما بعده. يؤكد بولس الرسول على أن قيامة المسيح ليست مبنية فقط على نبؤات العهد القديم بل على التاريخ أيضاً فهو يذكر الرسل، وخمسمائة شخص آخرين كانوا عائشين في زمن بولس قد رأوا الرب المقام، ويعقوب أخا الرب، وهو نفسه شاهد على قيامة المسيح. 3

ترويج فكرة قيامة المسيح في الثقافة اليهودية كان صعباً، ذلك لان اليهود كان كانوا يؤمنون بالقيامة في نهاية الزمان (دا12: 1-2)، وكذلك في الثقافة اليونانية – الرومانية التي كانت تؤمن بخلود النفس بعد أن تتحرر من الجسد الشرير. كما أن العهد الجديد يذكر أكثر من مرة استهزاء اليونانيين بفكر القيامة عندما كان يكرز به بولس (أع17: 21)  لذا ليس من المنطقي أن نقول بأن قيامة المسيح لها أساس في الديانات الوثنية. 4

يقول N. T. Wright في كتابه " قيامة بن الله"  لم يكن أحد يتوقع على الإطلاق أن تقوم المومياوات، وتمشي، وتستأنف حياتها الطبيعية؛ كما لم يكن هناك أحد في ذلك العالم يريد حدوث شيء من ذلك أيضاً. فإن ما كان هوميروس والآخرين يعنونه بالقيامة لم يكن مؤكداً بواسطة أتباع أوزوريس أو أبناء عمومتهم في مكان آخر. 5

يوضح راندل ناش بعد دراسة للديانات السرية، التناقض بينها وبين المسيحية ويذكر ستة نقاط بين قيامة المسيح وقيامة الآلهة الأخرى:

  • لم يوجد واحد ممن يُطلق عليهم " الآلهة المخلّصة"، مات لأجل شخص آخر. ففكرة أن ابن الله يموت بدلاً من خليقته هي فكرة تتفرد بها المسيحية.
  • يسوع فقط هو الذي مات لأجل التكفير عن خطيئة الناس... فنوع الموت الذي كان يموتونه الآلهة الأخرى مختلف تماماً.
  • مات يسوع مرة واحدة وإلى الأبد عن الجميع، عكس الآلهة الوثنية التي كانت آلهة إخصاب، فكان موتهم وإحيائهم المتكرر يتبع الدورة السنوية للطبيعة.
  • موت يسوع كان حدثاً فعلياً وحقيقياً في التاريخ، بعكس الآلهة الوثنية التي كانت تعتبر دراما أسطورية بدون روابط تاريخية.مات يسوع طواعية، بعكس الآلهة الوثنية.
  • كان موت المسيح نصرة وليس هزيمة، وهذا تتفرد به المسيحية عن غيرها من الديانات، فنغمة انتصار العهد الجديد تتناقض بشدة مع تلك التي نجدها في الديانات السرية. 6

يسوع لم يدفن:

 إدعاء بأن يسوع لم يدفن أو إنه ترك على الأرض أو طرح في حفرة المعدومين من أمثال لوازي وكوينبرت بهدف نفي القيامة، يعد أمر غير منطقي ذلك لأن العادات اليهودية نفسها تنفي هذا الإدعاء، فقد كان ليهود يكنون احترام كبير للأجساد، وكذلك حرصاً منهم على طهارة الأرض، لم يكن بالإمكان أن يتركوا مصلوباً ملقى على الأرض. 7

تؤكد الكتابات اليهودية بان المعدومين بالمصلوبين كان يتم دفنهم، لأنه كان يوجد سردابين كبيرين معدان لهذا الغرض، ويقول المؤرخ يوسيفوس، في كتابه الحروب اليهودية 4: 317) بان لليهود احتراماً كبيراً للأجساد." حتى أن الذين صلبوا نتيجة الحكم عليهم بالإعدام، كانوا يرفعوا قبل غياب الشمس ويدفنوا" 8 سامي حلاق اليسوعي:

 يُعير العبرانيين الموت احتراماً خاصة، لأن جسم الإنسان من صنع الله. ويشدد الكتاب المقدس على دفن الجثث حتى لو كانت للأعداء (حز 39: 12) أو للمحكوم عليهم بالإعدام (تث21: 23). 9

نظرية الهلوسة:

تقول بأن التلاميذ من كثرة حبهم للمسيح خُيل إليهم من خلال الرؤية الوهمية بأنه قام من الأموات، فذهبوا يذيعون هذا الأمر، لكن في الحقيقة القيامة لم تحدث. الرد: يجب أن لا نغفل بأن حقيقة قيامة المسيح لم تبتدئ بمشاهدة شخصية، وإنما من واقع مادي حسي وهو القبر الفارغ. كما أنه معلوماً بان الروية الوهمية تحدث للشخص عندما يكون لديه توقع، الأمر الذي لم يكن التلاميذ مستعدون له فكرياً. 10

نظرية سرقة جسد يسوع

تقول أن يكون القبر فارغاَ ليس دليلاً علي قيامة يسوع من بين الأموات، لأن تلاميذ يسوع هم من سرقوا جسده، حتي يدللوا على قيامة المسيح المزعومة.

 سرقة التلاميذ لجسد المسيح يبدو لأول وهلة بأنه دليلاً منطقياً يفسر إختفاء جسد يسوع، لكن تظهر العديد من العقبات تقف أمام هذا الطرح مما يفقده مصداقيته. 11 يذكر "ماكدويل" العديد من الأدلة على التي تفند هذا الرأي:

  • بأن التلاميذ سرقوا جسد يسوع أثناء نوم الحراس، فكيف عرف الحرس وهم نيام بأن التلاميذ هم من سرقوا الجسد أو أي شخص أخر فعل.
  • عقوبة نوم الحراس أثناء نوبة الحراس هي الإعدام، فكيف يخاطرون بحياتهم ويقرروا أن يأخذوا قيلولة أثناء أداء الواجب.
  • محاولة التلاميذ بأن يتسللوا وأن يحركوا الحجر الذي يغلق القبر الذي يترواح وزنه بين طن أو طنين والضجيج الذي سيحدثه عند تحريكه، ويدخلوا القبر ويحملوا الجثة ويخرجوا بدون أن يقظوا واحد من الحراس النائمين. هذا أمر غير منطقي. كذلك فإن طي قماش الكفن بعناية أمر غير منطقي لإنسان يريد أن يسرق. 12

 

لقراءة الجزء: الأول، الثانية، الثالث، الرابع، الخامس

المراجع
  • 1جي أد كومزوسكي، أم جيمس سوير، دانيال بي ولاس، أيعيدون اختراع شخصية يسوع، ترجمة سامي رشدي مرجان ( بيروت: مركز مرجان للنشر،2010)، 197.
  • 2المرجع السابق، 198.
  • 3المرجع السابق، 219.
  • 4المرجع السابق، 224.
  • 5N. T Wright. the Resurrection of the Son Of God, 81.
  • 6جي أد كومزوسكي، أم جيمس سوير، دانيال بي ولاس، 225، 226.
  • 7بيير بنوا الدومنيكي، روايات الآلام والقيامة، 228.
  • 8بيير بنوا الدومنيكي، روايات الآلام والقيامة، 229،228.
  • 9سامي حلاق اليسوعي، مجتمع يسوع تقاليده وعاداته (بيروت: دار المشرق، 2004)، 145، 146.
  • 10جورج فورد، سيرة المسيح، ج7 ( نداء الرجاء )، 70.
  • 11Josh McDowell, Bob Hostetler, Beyond Belife To Conviction (Illinois: Tyndale House, 2002), 262.
  • 12Ibid, 262, 263.