خطوة 2 : نؤكد مع أبولليناريوس، أن نفس soul المسيح يسوع هو الله الابن. وكان أبوليناريوس يرى بحق، أن أفضل طريق لنتجنب السقوط في بدعة نسطور - أي أنه كان هناك شخصين في المسيح – أن نفترض عنصر ما مشترك بين طبيعتيه الإلهية والإنسانية،  بحيث تتداخل هاتان الطبيعتان، إذا جاز التعبير.  وبحسب ابوليناريوس، فإن ذلك العنصر المشترك كان هو " نفس المسيح  soul of Jesus Christ " . ومع بالغ الأسف، يبدو أن أبوليناريوس لم يكن يؤمن بأن المسيح يمتلك طبيعة بشرية كاملة،  والتي، كما رأي منتقديه بحق، تُضعف من بشرية المسيح وعمله الخلاصي.  

. ولكن، هل يمكن علاج نقاط الضعف هذه في فكر أبوليناريوس؟ لا أعتقد ذلك. ولكن، دعنا نتساءل، ماهي الطبيعة الإنسانية: أن تكون إنسان،  يعني أن تكون حيوانًا عاقلًا. وحيث إن الله ليس لديه جسد، فليست له تلك الطبيعة الحيوانية. ولكن الله هو العقل العاقل غير المحدود. لذلك، وقبل التجسد، يمتلك الله الابن العقل والشخصية، لذلك، باتخاذه جسدًا بشريًا، جلب الله الابن لجسد المسيح المادي تلك الخصائص على وجه التحديد، لتجعله لا مجرد طبيعة حيوانية، بل تجعل له طبيعة بشرية كاملة، تتألف من جسد ونفس عاقلة. كما أن الطبيعة البشرية للمسيح لايمكنها حتى أن توجد بشكل مستقل عن اتحادها بالله الابن، وإلا كانت مجرد جثة أو جثة أعيدت للحياة . إن إنسانية المسيح تأتي إلى الوجود على وجه التحديد من خلال اتحاد الله الابن بجسده. لذلك، لدى المسيح يسوع طبيعتان كاملتان: طبيعة إلهية، وهي كائنة منذ الأزل، وأخرى بشرية، بدأت منذ أن حبلت به مريم بحكم اتحاد الله الابن بالجسد. 

تلك كانت إعادة صياغة للفكر اللاهوتي، ومن ثم تبطل اعتراضات ابولنياريوس التقليدية. ذلك أنه، أولًا، وبحسب وجهة النظر هذه، للمسيح طبيعتان كاملتان، إلهية وبشرية، بما في ذلك نفس عاقلة وجسد. ثانيًا، وكنتيجة لذلك، فإن يسوع هو إنسان حق، ومن ثم فإن موته نيابة عنا لهو أمر صالح. لاحظ أن المسيح ليس مجرد إنسان، فهو إله أيضًا، ومع ذلك، كان يسوع إنسان حق، ومن ثم كان له أن يمثلنا أمام الرب، وأن يحمل عقوبتنا ويُطلقنا أحرارًا.     

الأمر جيد حتى الآن! ولكن اقتراحنا ليس كافيًا حتى الآن. ذلك أنه إذا كانت نفس المسيح هي الله الابن، فكيف نفهم الصورة التي يقدمها لنا الكتاب المقدس عن يسوع كشخص لدية وعي بشري أصيل،  ينمو من الطفولة إلى الرجولة؟ ألا يتضمن اقتراحي أن يسوع كان يشبه السوبرمان بشكل ما، أي ليس عرضة للعجز البشري؟ وهذا يقودنا إلى الخطوة الثالثة.

الخطوة 3: نؤكد أن الجوانب الإلهية لشخصية يسوع المسيح كانت غير مدركة إلى حد بعيد أثناء حياته على الأرض.وإني أرى، أن العناصر الإلهية لشخص المسيح كانت بالأساس كامنة في اللاوعي. ويستند هذا الرأي إلى نظرة متعمقة في علم النفس، مفادها، أنه يوجد في وعي الإنسان أمور كثيرة، تفوق مايدركه من أشياء. ذلك أن التحليل النفسي يقوم على حقيقة مفادها، إن بعضًا من سلوكياتنا متجذر في أعماق أعماقنا، حتى أننا لاندركها بشكل جيد، وربما لاندركها على الإطلاق.   فَكِّر في شخص يعاني من اضطراب تعدد الشخصيات. هنا نجد مثالًا صارخًا على مانقول، فحين تثور الجوانب اللاوعية لعقل ذلك الفرد، تظهر الشخصيات المتميزة التي ماكان له أن يدركها وتطفو على سطح وعيه. وفي بعض الحالات، تكون هناك شخصية مهيمنة، مدركة للآخرين، وهي تعلم مايعلمه أولئك الآخرون، ولكنها تبقى مجهولة لهم.وكما أوضح تشارلز هاريس Charles Harris ، من الممكن أن يبوح الشخص الخاضع للتنويم المغناطيسي بحقائق معينة، ولكن يكون لديه تعليمات بأن ينساها فور أن " يستيقظوا". ومع ذلك، و على حد قول هاريس، "تظل تلك المعرفة في ذهن هذا الشخص، وهي تُظهر نفسها بطرق لا لبس فيها، وبصفة خاصة حين تحمله على أن يُنجز أعمالًا بعينها، وربما من أجل حيازته لتلك المعرفة، لايود أن ينجزها. وربما شاهد الكثير منكم على شاشة التلفاز حوادث مسلية جدًا لهذه الظاهرة، مثل رجلٍ تم تنويمه مغناطيسيًا، ليعتقد أن شجرة ما  هي فتاة جميلة، وتكون لديه الرغبة أن يتزوج منها. ويذهب هاريس إلى القول:  

والأمر الأكثر استثنائية هو نوع من التنويم المغناطيسي الأكثر دقة، والغرض منه هو رؤية وعدم رؤية كائن ما في نفس الوقت. وعلى سبيل المثال، يقال للشخص ألا يرى حامل المصباح، فيصبح بالفعل (بالمعنى العادي) غير قادر على رؤيته تمامًا. ذلك أنه يتجنبه، ولايملك أن يدفع نفسه ضد هذا الأمر.  

وبالمثل، فإن الله الابن، وأثناء تجسده، سمح فقط لتلك الجوانب من شخصه أن تكون جزءًا من وعي يسوع المتيقظ، والمتوافقة مع تجربة الإنسان النموذجية، في حين أن الجزء الأكبر من معرفته، يشبه جبل جليدي كامن تحت سطح الماء، أي مغمور في اللاوعي خاصته.  ولذلك، فإن يسوع ووفقًا لنظريتي التي أطرحها الآن، هو شخص واحد، ولكن في ذلك الشخص، هناك عناصر مدركة وأخرى غير مُدركة، وهي متباينة بشكل له دلالته اللاهوتية. وعلى النقيض من النسطورية، فإن نظريتي لاتتضمن وجود شخصين.  ووجود أي شئ آخر غير الجوانب المدركة وغير المدركة في عقلك،  يعنى أن هناك شخصين.

لمتابعة سلسلة المقالات من هذا المقال الأول، الثاني، الثالث،الرابع، الخامس.