ميلاد الرب – النتائج المباشرة لكون يسوع إله وإنسان

تقدم لنا هذه النظرية وصفًا مقبولًا ليسوع المسيح كما نراه في الإناجيل. من حيث خبرته الواعية، كان يسوع ينمو في المعرفة والحكمة، مثله مثل أي طفل. فكيف لإنسان أن يكون في مزود متواضع مثل الطفل يسوع، وينمو في المعرفة هكذا. ولأنه يمتلك وعي إنساني مثالي، كان على يسوع أن يناضل ضد الخوف، الضعف والأغواء، لكي تتوافق مشيئته مع مشيئة أبيه السماوي. وفي خبرته الواعية، جُرب يسوع، على الرغم من أنه، في حقيقة الأمر، غير قابل للسقوط في الخطيئة. نعم كان إغواءً حقيقيًا شعر به يسوع، ولم يكن أمرًا عابرًا، والجهاد ضد الأغواء يحتاج إلى انضباط روحي وعزيمة أخلاقية من جانب يسوع.  وفي وعيه المتيقظ، كان يسوع يجهل بالفعل بعض الحقائق، على الرغم من أنه غير قابل للخطأ، واستنارته بقوة إلهية خارقة .

وبالرغم من امتلاك الابن الكلمة لكل المعرفة اللازمة عن العالم، من ميكانيكا الكم إلى ميكانيكا السيارات، إلا أنه لايوجد سبب للاعتقاد أن يسوع الناصري كان قادرًا - دون مساعدة إلهية خارقة- أن يجيب عن التساؤلات حول تلك الأمور، كم كان تواضعًا ولطفًا منه أن يتخذ حالة الإنسان ويصير في شبه الناس.  وعلاوة على ماسبق، في حياته الواعية، اختبر يسوع الكثير والكثير من القلق البشري، كما اختبر الأذى الجسدي والتعب. كما أن نظريتي تؤكد على استقامة يسوع وإخلاصه لحياة الصلاة، كما توضح كيف استطاع يسوع أن يكون بهذا الكمال رغم معاناته. كان يسوع مثلنا، في حاجة إلى أن يعتمد على أبيه في كل لحظة، ليحيا منتصرًا في عالم ساقط، ليتمم الأرسالية التي ائتمنه عليها أبوه السماوي. أما معاناته في بستان حثيسماني، فلم تكن  مجرد ادعاء، أو دورًا يلعبه، بل نضال حقيقي واعٍ للابن المتجسد.  وإن فهمنا التجسد هكذا، تتلاشى كل الاعتراضات التقليدية ضد كون أن الله الابن هو عقل المسيح، ذلك أننا الآن أمام مسيح، ليس فقط إله حق، بل يشاركنا بشريتنا أيضًا ، فهو إنسان حق أيضًا.  

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن أن تكون نظريتي صحيحة؟ أعتقد أننا يمكننا القول: الله يعلم! وإن قلت غير ذلك أكون متعجرفًا. ولكن، ما أستطيع قوله هو، إن النظرية متماسكة منطقيًا ومتوافقة مع إيمان الكتاب المقدس، ومن ثم، فمن المحتمل أن تكون صحيحة. وإن كان ذلك كذلك، فهذا يفند أي اعتراضٍ يقوم ضد التجسد، أي الادعاء بأن هناك تناقضًا في قولنا، إن يسوع إله حق وإنسان حق.  

ولكن للنظرية أبعاد أعمق من ذلك على ما أعتقد. إذ تجعلنا نقدم المجد لله، لأنه أخلى ذاته من أجلنا، وياله من تنازل عجيب، إذ أخذ لنفسه جسدًا يشبه بشريتنا، وجاز في كل مايجوز فيه البشر من آلام ونضال ومعاناة وقيود من أجلنا ومن أجل خلاصنا. قال بولس الرسول: " فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِه" ( 2 كو 8: 9)

هذا هو مانحتفل به في الكريسماس. قال تشارلز ويسلي في ترنيمته العظيمة:

رأينا الألوهية محتجبة في جسد

مجدًا للإله الذي تجسد

سكن مع الإنسان كإنسان بفرح معنا

يسوع عمانوئيل الله معنا

فاسمع صوت الملائكة مبشرين يرتلون

مجدًا للملك المولود ..وليفرح البنون 

لمتابعة سلسلة المقالات من هذا المقال الأول، الثاني، الثالث، الرابع، الخامس.